تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بيرام يبعث برسالة من باريس بخصوص قرار المجلس الدستوري

من بيرام ولد الداه ولد اعبيد إلى من يهمه تحصين المكتسبات و ترسيخ دولة القانون

باريس، 13 أغسطس 2025

 

قرار المجلس الدستوري، انتصار للمبدأ 

وصوت الحق

 

منذ أن عُرض مشروع النظام الداخلي للجمعية الوطنية في نسخته الأخيرة، كانت لدينا قناعة راسخة بأنه يتضمن نصوصًا تضيّق على الحريات، وتعطي حصانات غير مبررة. وقد عبّرنا عن هذا الموقف بوضوح، ورفضنا أن نكون شاهدين على إقرار فقرات تُضعف دور البرلمان وتقيّد حرية التعبير تحت القبة.

 

لم يكن الأمر بالنسبة لنا مجرد خلاف سياسي أو اختلاف في الرأي، بل كان مسألة مبدأ. فمن واجبنا، كممثلين للشعب، أن نحمي حقوقه، وأن ندافع عن الدستور الذي هو الضامن الأكبر للحريات. وأي مساس بهذه الضمانات يعني مساسًا بحق المواطنين في أن تصل أصواتهم بحرية عبر نوابهم.

 

لا شك أن هذا الموقف قد لا يرضي البعض، وأن الدفاع عن المبدأ قد يواجه ضغوطًا أو محاولات للتقليل من أهميته. لكننا فضّلنا أن نكون في صف دولةً القانون ، على أن نساير نصوصًا رأينا فيها تعسفًا على الحقوق التي كفلها القانون الأعلى للبلاد.

 

اليوم، وبعد صدور قرار المجلس الدستوري بإلغاء الفقرات المخالفة للدستور، تبيّن أن اعتراضنا كان في محله. 

 

إننا، إذن، نقدر قرار المجلس الدستوري، ونعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح لترسيخ دولة القانون، وإشارة واضحة إلى أن الرقابة الدستورية الفاعلة قادرة على حماية الديمقراطية من أي انحراف.

 

إن التجربة أثبتت أن التمسك بالمبدأ، حتى في وجه التيار، هو الخيار الصحيح. وأنه، في النهاية، سيبقى صوت الحق المسموع، ما دام هناك من يؤمن بأن العمل السياسي النزيه لا ينفصل عن الدفاع عن الحريات واحترام الدستور.

 

ولهذا، فإننا نأمل أن يكون هذا القرار بداية لمسار إصلاحي أوسع، يدفع الحكومة إلى مراجعة وإلغاء القوانين التي تتعارض مع روح الديمقراطية، وعلى رأسها قانون الأحزاب الذي فرض شروطًا غير مبررة للحصول على الترخيص، وقانون الرموز، سيئ السمعة، الذي قيّد حرية التعبير وشكّل سيفًا مسلطًا على رقاب المعارضين والمنتقدين. إن إلغاء مثل هذه النصوص الجائرة، سيكون خطوة إضافية لترسيخ الثقة بين المواطن ومؤسساته، وتعزيز مناعة الديمقراطية في بلادنا.

ولعله لزم علينا أن ننبه الطيف المعارض، قادةً ومناضلين، و كذلك جميع الأحرار، أن موقفنا في إيرا وحزب الرك، الرافض لقبول قانون الأحزاب الجديد، يمثل انتصارا ودفاعا عن دولة القانون وحرية التجمع و التحزب. ووجب في هذا السياق، تذكير الجميع أن حركة إيرا تشكلت من سبعة أشخاص في البداية! والثورة الجزائرية بدأت بمبادرة اتخذها تسعة أشخاص، وكل من يشارك إضفاء الشرعية على قانون الأحزاب الجديد يشارك، من حيث يشعر أو من حيث لا يشعر، في ذبح ما كان موجودا من الديمقراطية التي تتهاوى مظاهر وجودها الهزيلة أمام تصميم حاكم البلاد، محمد ولد الغزواني، منذ وصوله إلى السلطة، على إفراغها من محتواها.

وإنه لجدير بنا أن نذكر أنه كان بإمكاننا أن نتقدم بطلب للحصول على ترخيص لحزبنا، لأن العدد المطلوب للتزكية موجود عندنا، بل أكثر. لكننا كنا، وما زلنا، وسنبقى ملتزمين بمصلحة الوطن وسيادة القانون، حتى ولو كان ذلك على حسابنا، وبالتالي فامتناعنا عن تقديم طلب الترخيص نابع من رفضنا لتشويه القانون وإفراغه من مضامينه السامية، خدمة للمصلحة العامة للتحزب، والعمل السياسي، ومستقبل الشفافية، والعدالة، ودولة القانون.

أربعاء, 13/08/2025 - 19:09

تابعونا

fytw