مع اقتراب العطلة الصيفية للحكومة الموريتانية خرج علينا الناطق باسم الحكومة وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان الدكتور الحسين ولد مدو بدعوة رسمية، وتوجيه صريح من فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني للوزراء، وكبار المسؤولين في الدولة بقضاء عطلتهم الصيفية مع ذويهم في الداخل الموريتاني.
ورغم رمزية التوجيه، وأهميته كقرار فإن خلفيات الدعوة تأتي في إطار الحد من مظاهر البذخ، والصرف الفاحش في نفقات العطل الصيفية لبعض كبار المسؤولين في الدولة الموريتانية في مدن المملكة المغربية، وتركيا، والإمارات، وبعض العواصم الأوروبية خلال السنوات الأخيرة، حيث دأب العديد من هؤلاء على قضاء العطلة السنوية مع كل افراد اسرته في هذه الأماكن التي تعد وجهة للسياحة العالمية، واصبح بعضهم يمتلك " فيلاهات" جميلة في هذه الأماكن ثمن الواحدة منها يعادل راتبه لعشرات السنين، إذ تشير بعض المصادر إلى أن 8000 مواطن موريتاني - على الأقل - يملكون شقق وفيلاهات في عدد من المدن المغربية.
فعلا كان رئيس الجمهورية سباقا في تطبيق هذا القرار إذ حرص على قضاء جزء كبير من عطلته السنوية بين ذويه، واقربائه في مدينة بومديد، وبواديها رغم التحديات التي يواجهها بسبب الاقبال الكبير على مكان الإقامة، ومطاردة أصحاب الحاجات ومتصيدي الفرص.
ومع ان الدعوة جاءت في مجلس الوزراء وهو ما يعطيها صبغة رسمية إلا ان الكثير من المتابعين يشككون في التزام كبار المسؤولين بهذا القرار إذا لم تكن هناك متابعة صارمة لتطبيق هذه الدعوة، فقد عودنا الوزراء والجنرالات وكبار المسؤولين على هجران دورهم التي تظل طيلة فصول السنة موصدة الأبواب، إلا ما كان من زيارة خاطفة لمواكبة تظاهرة رسمية أو حضور نشاط سياسي لحظي.
سيدي الرئيس مواطنوك لا يعولون الكثير على هؤلاء المسؤولين، فقليل منهم من لديه قواعد شعبية يسعى إلى لقائها، أو أقارب يحرص على صلتهم، أو أنشطة خيرية يدعمها.
هؤلاء – يا فخامة الرئيس-قطعوا الرحم، وهجروا الأوطان، وتنكروا للجيران، وخانوا الأصدقاء، واخلفوا الوعود، وخانوا العهود، ومنعوا المحروم، فكيف تريد منهم ان يعودوا إلى أماكن تشهد على فقرهم وقد أصبحوا أغنياء، وخنوعهم وقد أفضوا اسيادا.
فخامة الرئيس بعض هؤلاء من أكلة المال العام، ومزوري السلع والأدوية مجيئه سيمنع القطر، ويجدب الأرض بسبب كبريائه، واستغلاله للنفوذ، واخذه للرشوة، وقمطه الناس حقوقهم.
سيدي الرئيس كان الوزراء في العهود السابقة يوزعون الإكراميات، ويشيدون القصور في الداخل ويتنافسون في الحشد، أمام اليوم فقد أصبح اغلب الموظفين يخفي أمواله في الخارج بعيد عن اعين الرقابة أو بعثات التفتيش.
سيدي الرئيس، اقترح ان توجه إلى كبار المسؤولين بتسخير هذه الشقق والفيلاهات الموجودة في الخارج لاستضافة المواطنين الذين يذهبون للعلاج في المغرب وفي تونس وفي تركيا فأغلبها من حق هذا الشعب وماله العام و" الحق لا يسقط بالتقادم".
رأي حر