عشة الطالب أحماد سيدة أعمال ناجحة تمارس التجارة الإلكترونية لديها طفلين تعرض أحدهما لوعكة صحية مفاجئة استخدمت فيها علاج الطب العصري والتقليدي دون أن تتحقق نتيجة مباشرة، بدأ ينتاب بنت أحماد هواجس اليأس، وبدأت تبحث عن مخرج لحالتها المرضية العضوية و النفسية، قادتها المقادير إلى سيدة أخرى تدعى البتول أحمد المصطفى، واستطردت الأخيرة خبرتها الطويلة في علاج هذه الحالات، وأنها قادرة على شفاء ابنها المصاب بداء عضال، وقدمت لها كشف تعوذة بدائي قالت فيه أن الذي أصاب ابنها هو من عمل السحر، نتيجة لنجاحها الباهر في ميدان التسويق الإلكتروني ويمكن فكه عن طريق تعويذات تملكها البتول وتعرف تعاويذها الخاصة، وهكذا اقتنعت بنت أحماد بهذا الشفاء الذي سينقذ فلذّة كبدها.
بدأت البتول بالتواصل مع الحجاب الذي وصف لها بصفتها وسيط افتراضي واستطاعت استدراج الضحية واقناعها بإعطاء أموالا طائلة مقابلة العلاج ، تراوحت في البداية بين عشرة ملايين أوقية وتارة في شكل حلي من الذهب ذات قيمة مالية معتبرة مقابل تقديم تلك العلاجات التعويذية حسب تصريحات الضحية.
دارت الأيام والليالي وتحول الجشع والطمع بالسيدة البتول إلى أن أوهمتها بأنها وأبنها في خطر شديد قد يكلفهم حياتهم بعد أسابيع قليلة والسبب انتشار السحر في روحها وجسدها، والذي وجدت أنه وضع لها في صندوق محكم الإغلاق من الخارج في عمق البحر، ولكي يتم استخراجه من الصندوق عليها إحضار أموالا طائلة.
لبابة تحدثت بغرابة قائلة أنها بدأت تبحث عنها في كل مكان، وتشعر بعدم تحكمّها بنفسها حيث وجدت نفسها تأتمر بأوامر السيدة ولا تعارض لها طلبا حسب توصيفها، مما دفعها لتقديم كل ما تملك لدرجة أنها لجأت للاستدانة من أفراد عائلتها وأصدقائها، نجاوز المبلغ بعد جهود مضنية من الضحية إلى عتبة 70 ملايين أوقية قديمة حسب بيانات كشف التحويلات المصرفية الرقمية (الأرقام موثقة بالأدلة القطعية).
لجأت السيدة لبابة للمحامي د عبد الرحمن زروق وكانت في انهيار نفسي وعصبي كاد أن يودي بحياتها لتفكيرها مرارا في الانتحار بين قلق الخسارة والحسرة وضغط الدائنين وظروفها النفسية والصحية وتدهور حالة ابنها الصحية.
تم اتخاذ ما يلزم من طرف مكتب المحامي زروق و تم تقديم الشكاية إلى النيابة العامة بنواكشوط الشمالية وقد تم التصرف عليها بمحول إلى عناصر الدرك الوطني المكلفين بالجريمة السبرانية حسب تصريحات حاصنا بها المحامي عبد الرحمن زووق.
كانت المفاجأة صادمة وغير متوقعة عندما تبين أن البتول أحمد والتي لا يتجاوز عمرها خمسة وعشرين عاما تستخدم حسابات متعددة للتواصل مع ضحاياها واختيارهم بعناية بعد ملاحقتهم ومعرفة معلوماتهم وانشطتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
فتواصلت مع الضحية بصفتها وسيط وتواصلت معها بصفتها الحجاب المنقذ وتواصلت معها بصفتها بشرى أحمد التكتوكيرة والداعمة المعرفة على منصة تكتوك عارضة المساعدة لأنها لا تريد الحاق الضرر بالحجاب الذي تعرفه وبالسيدة البتول حتى لا تطالهم يد العدالة حسب ما أوردته التحقيقات.
شخصيات متعددة في شخص واحد يستخدم حسابات متعددة.
لكن الصدمة كانت أكبر بعد تتبع مسار الأموال التي قادت لأشخاص يشحنون العملات على منصة تيك توك، أكد أحدهم أن بشرى أحمد المعروفة في أوراقها المدنية بالبتول استلم منها مايبلغ سبعين مليون على دفعات متعددة لشحن حسابها على تطبيق تيك توك والذي ألقت من خلاله دعما سخيا فاق الحدود على مشاهير تيك توك.
كما أن هناك شاحنين آخرين قاموا بتعبئة لحسابها على منصة تكتوك بعشرات الملايين، رصد حساب بشرى أحمد والمسجل باسمها البتول أحمد المصطفى أظهر مابين تاريخ منتصف شهر ثمانية ونهاية شهر تسعة الماضي مبلغ 125 مليون أوقية قديمة وصلت حسابها على تطبيق بنكيلي في ظرف خمسة وأربعين يوما.
خيوط الجريمة أظهرت حالة من الفوضى لا يتصورها العقل
أظهرت نظام مصرفي موازي للنظام المصرفي في البلد وبشكل غير مرخص وغير قانوني والأخطر أن المحتالين والشاحنين لم تصل أعمارهم في أقصاها لخمسة وعشرين سنة .
الأخطر هو أن هذه الجرائم عابرة للحدود تهدد النظام المصرفي لموريتانيا ولاقتصادها الوطني وتفتح مجالا لجرائم تبييض الأموال والإرهاب وتجارة المخدرات. الخطير أيضا هو أن الشاحنين تصل أرباحهم أربعمائة من كل ألف من عملة تيك توك ليتم الشحن ثم الدعم ثم إرجاع الأموال بشكل أقل أحيانا وأحيانا في شكل أرباح لحسابات بنكية وطنية ويكون مصدر الأموال مجرد أرباح من منصة عالمية أي إضفاء الشرعية على أموال مصدرها مشبوه.
تم توقيف الفاعل الأصلي بشرى أحمد المسماة بأوراقها الثبوتية البتول أحمد المصطفى لكن للأسف تم إطلاق سراحها بضامن إحضار لإحالة الملف إلى العدالة.
لكن خطورة الوقائع والأموال الطائلة بمئات الملايين والموجودة بحوزة الشاحنين والسيدة بشرى أحمد قد يمكن الجميع من الهروب خارج الوطن قبل عرضهم على العدالة وهو ما يخشاه الضحايا.
من أهم الأسئلة المطروحة بإلحاح؛ لماذا موريتانيا أصبحت مسرحا لمثل هذه الحويلات المالية بنظام مصرفي موازي وخطير ولا يخضع للرقابة إطلاقا ويهدد الأمن والاقتصاد ويغذي الجرائم العابرة للحدود؟ دول عديدة في المنطقة سارعت إلى المطالبة بحجب منصات تيكتوك ودول سعت إلى عقلنة ورقابة المحتوى والأموال وطبيعة المصادر .
تعد هذه الجريمة الإلكترونية أكبر جريمة تعرفها البلاد ولا زالت أسبابها قائمة والضالعين فيها بحرية مطلقة خارج دائرة التوقيف.
بما يحتم التساؤل هل يستعصي مواجهة هذا النوع من الجرائم ؟ هل النظام القضائي والرقابي عاجز عن متابعة أو مسايرة التقدم التكنولوجي؟
إن وجود أمولا بهذا الحجم توازي نظامنا المالي يضعضع جهود الدولة لحكامة مالية رشيدة و قد يحدث تشابك وترابط يصنع النفوذ ويساهم في إضعاف المنظومة الإدارية والأمنية والقضائية كما عرفت ذلك بلدان في العالم أصبحت الجريمة فيها خارج السيطرة وانعدمت فيها فكرة الوقوف على أسباب مصادر الثروة.
Sultan Elban
من صفحة الصحفي والمدون الموريتاني سلطان البان
07/12/2024
LONDON